صنعاء- عبدالعزيزالهياجم
دخلت حركة الاحتجاجات الشبابية والاعتصامات السلمية في اليمن شهرها الخامس،
وسط حالة جدل في الشارع اليمني بشأن طول بقائها والنتائج التي حققتها، في
وقت لازال فيه النظام اليمني قائما، والرئيس صالح لم يرحل بعد، رغم 4 أشهر
من الهتافات التي تردد "ارحل" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
اليمنيون منقسمون بين فريقين، أحدهما يرى أن الاحتجاجات الشبابية السلمية،
التي وإن كانت شهدت تظاهرة حاشدة في الثالث من فبراير/شباط، إلا أن ظهورها
المستمر بدأ في الثاني عشر من نفس الشهر، قد حققت حتى الآن أهدافاً كثيرة،
أهمها أن الرئيس صالح الذي تنتهي ولايته الرئاسية في سبتمبر 2013، وكان
يُحضِّر لتعديلات دستورية تتيح له دورات رئاسية مفتوحة، ورتب على صعيد آخر
لتوريث نجله "أحمد"، وجد نفسه مطالبا بالتنحي، والكثير من أركان نظامه
السياسيين والعسكريين ينشقون عنه، وحلفاءه الإقليميين والدوليين يبحثون
ترتيبات نقل السلطة منه بطريقة سلسة وسلمية.
أما الفريق الآخر فيقول أنه لا توجد "حالة ثورية" في اليمن، وأن حقيقة
الوضع في اليمن مختلف عن تونس ومصر، بدليل أن الاحتجاجات في تونس لم تكمل
ثلاثين يوما إلا وكان زين العابدين قد "هرب"، فيما استغرق المصريون ثمانية
عشر يوما لإجبار مبارك على التنحي، في حين ان الاعتصامات في اليمن دخلت
شهرها الخامس ولم تثمر بعد، مما يؤكد أن ما يجري في اليمن هو مجرد أزمة
سياسية لا أكثر.
مستغلو الثورة
وفي هذا الإطار، تحدث لـ"العربية.نت" أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة
صنعاء، الدكتور فؤادالصلاحي، قائلاً: "هناك من حاول أن يستفيد من الثورة
الشبابية، ويركب الموجة، ويستخدم الثورة لصالحه. وفي المقابل هناك قيادة
فاعلة لأحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل اللقاء المشترك، كانت موجودة
منذ البداية، لكنها لم تستفد من هذا الزخم الشعبي الكبير ومن ثم طال الوقت،
لأن اللقاء المشترك لم يكن لديه سرعة في الحركة. كان يجب أن يتحرك مع
الأمريكان ومع القوى الإقليمية لجلب التأييد لهذه الثورة الشبابية الشعبية
السلمية.وتابع يقول: هناك عوامل داخلية جمدت الثورة بالفعل من يوم 21 مارس
أذار (تاريخ انشقاق قيادات كبيرة في الجيش واستقالة عدد كبير من الوزراء
والمسئولين في الدولة)، وعوامل إقليمية جمدت الثورة الشبابية، منها
المبادرة الخليجية التي لم ترتقِ إلى أهداف الثورة، وحاولت أن تضع النقاش
السياسي محل الفعل الثوري، لأن المبادرة تم صياغتها على أساس أن هناك أزمة
سياسية في اليمن، وهذا خطأ في التوصيف والتحليل، حيث كانت هناك ثورة ضد
نظام، ولكن الفعل السياسي أدى الى إطالة المدة.
ومن جانبه يقول الباحث في الدراسات الاستراتيجية عبد الله الدوبلة: "ليس
للثورة كفعل مواصفات محددة، لكل ثورة طبيعتها وخصوصيتها، في اليمن الثورة
نجحت بالفعل في تحقيق هدفها وهو تعطيل نظام صالح عن ممارسة السلطة، إلا أن
ذلك لا يعني ان تقفز الثورة لاستلام الحكم، ثمة معطيات وخصوصيات يمنية تجعل
مساراتها ذات تداخل محلي وإقليمي ودولي. يجب ان لا نغفل ذلك أو نظنه
انتقاصا من قدرة الثورة على الفعل، فنحن الآن أمام خطوة ثانية للعمل على
نقل السلطة سلميا ودستوريا للنائب عبد ربه منصور هادي، وهو ما يحدث الآن هو
ترتيب لوضع نقل السلطة سلميا ودستوريا للنائب.
المبادرة الخليجية
وعن حركة التغيير الشبابية بصنعاء، كان لعضو ائتلاف شباب 13 فبراير محمد
سعيد الشرعبي رؤية مفادها: "مهما طال عمر ثورتنا السلمية مقارنة بثورتي مصر
وتونس، فلليمن خصوصية مركبة ومعقدة تشمل تكوينها المجتمعي والسياسي، ودخول
العامل الخارجي المتمثل بالمبادرة الخليجية التي استهلكت الوقت ولم تصل
بنا الى حل، وهذا سر التأخير سيما وأن موقف الدول الغربية مرتبط بالمبادرة
الخليجية التي استغلها النظام لإدخال اليأس والاحباط في نفوس الثوار، وفشل
بذلك فشلا ذريعا لأسباب مختلفة منها اصرار الشعب اليمني على اسقاط النظام
وبأي ثمن ولن نغادر الساحات قبل تحقيق أهداف ثورتنا".
ومضى يقول: "الآن وقد حصحص الحق، ينبغي على دول الخليج الاعتراف بثورتنا
بدلا من تصنيفها كأزمة، فثورتنا لن تضر أحد أو تسبب مشكلة لاي طرف اقليمي
او دولي، ولأننا في ساحات الحرية والتغيير لن نقبل بأنصاف الحلول ولن نقبل
بنصف ثورة، نحن نبحث عن حياة وحرية ولن يحدث ذلك قبل تنحي صالح ورحيل بقايا
عائلته الحاكمة من البلاد.
وفي المقابل، يقول المحلل السياسي الدكتور عادل الشجاع: "لقد نشأت الأزمة
اليمنية عن خطأ في الحسابات، عوّل الشباب في إنجاح مطالبهم على القبيلة
وأحزاب المعارضة والفرقة العسكرية المنشقة عن النظام، لكن دخول هذه الأطراف
ورطت الشباب، وجعلتهم في خدمتها أكثر مما أعتقد الشباب أن تلك الأطراف
ستكون في خدمة مطالب شباب التغيير.
وأضاف: "إن مطالب التغيير لدى الشباب لم يقدها حزب طليعي ولا زعامة محددة،
وقد تمثلت الصعوبة الكبرى في عجز الشباب عن إقامة حزب أو تجمع سياسي قادر
على تعميق مطلب التغيير، وجعل الديمقراطية قطب الرحى، فأصبح مطلب التغيير
يقوم على الرفض لا على البناء. ولست بحاجة للقول إن التوجه العام للخريطة
السياسية المتحالفة في ساحات الاعتصامات لا تحبذ انتقال السلطة بحسب
النموذج الديمقراطي، وإنما تبحث عن المحاصصة.
عربية نت