الآن يمضى الأسد كأنه يقول : أنا .. وليس إلا أنا ..
ومن يمش يرض بما ركب ، فهو يمشى على أقدامه ، ورأسه فى السحاب يتعاجب ..
من عز بز .. هذا قول الأسد ..
وهو يتذكر فريسة اليوم التى أخذ يلهو بها ، ويلاعبها بخشونة وأذى .. ضحك وهو يسترجع ما حدث ..
كان الرعب قد قتل هذه الفريسة قبل أن يجهز عليها الأسد بقبضته .. هكذا كان الأسد يطأ الفريسة بمخلب ، ويرعبها بناب ..
قال : أنا أحب رؤية الرعب فى عيون فرائسى ..
ثم صاح بنفس القول مع بعض التغيير فى اللفظ والمعنى : أنا أحب رؤية الرعب فى عيون الضعفاء ..
كل منا عليه أن يمتلك حكمته .. إما له ، وإما عليه ..
ظل الأسد على عادته حين يخرج للصيد ، وقبل أن يضرب ضربته ترتج الغابة بزئيره ، ثم يبحث فى عيون الفريسة عن الرعب ، فيجده ، عند هذا تكون الفريسة هنيئة مريئة ، فى بطنه تستقر .. يضحك ضحكته ، ويصيح : هذا حقى أيها الضعفاء ..
ويمشى إلى عرينه منتشيا ..
أنا .. وليس إلا أنا ..
فى صباح اليوم عثر الأسد على فريستين مرة واحدة ، وكشر عن أنيابه ، وهو يقول : أنا سعيد الحظ ..
سوف يرى أربع عيون مملوءة بالرعب ..
أنا .. وليس إلا أنا .. هل يوجد من عنده ذرة شك ؟!
كانت الفريسة الأولى حملا خر من الوهلة الأولى ، لم يمكث إلا لحظة حتى ملأ الرعب عينيه ، وصمت أذناه من زئير الأسد ، وبدا كالمربوط والمرعى فضاء واسع !!
وتذكر الأسد حكمته الباطشة : أنا أحب رؤية الرعب فى عيون الضعفاء ، فضحك ضحكا خشنا مقعقعا كالرعد ..
التفت الأسد إلى الفريسة الثانية ، وانقطع ضحكه فجأة ، بل تراجع للوراء ..
كان أمامه وعل بقرنين مشعبين إلى شعب حادة يتلألأ ضوء الشمس على سطحها ..
تذكر الأسد أنه لم يزأر ، فاستجمع كل قوته وزأر .. هبت رياح ، وتمايلت أشجار الغابة من عنف الزئير و شدته .. أرسل الأسد نظراته لتستقر حدتها فى عيون الوعل .. هكذا تعلم الأسد من خبرته ، وساعدته الفرائس ..
وجد الأسد القرنين المشعبين مسددين إلى قلبه مباشرة .. تراجع خطوتين وزأر.. تقدم الوعل هاتين الخطوتين .. كان يبادل الأسد تلك النظرات ..
رأى الأسد عينى الوعل ، كان الرعب ميتا فيهما .. تقهقر الأسد ، وانتقل الرعب إليه لأول مرة فى حياته