حان لهذا القلب أن ينسحب

حان لهذا القلب أن ينسحب

أخذنا موعدا
في حي نتعرف إليه لأول مرة
جلسنا حول طاولة مستطيلة
لأول مرة
ألقينا نظرة على قائمة الأطباق
ونظرة على قائمة المشروبات
ودون أن نلقي نظرة على بعضنا
طلبنا بدل الشاي شيئا من النسيان
وكطبق أساسي..كثيرا من الكذب

وضعنا قليلا من الثلج في كأس حبنا
وضعنا قليلا من التهذيب في كلماتنا
خبأنا جنوننا في جيوبنا
وشوقنا في حقيبة يدنا
لبسنا البدلة التي ليس لها ذكرى
وعلقنا الماضي مع معطفنا على المشجب
فمر الحب من دون أن يتعرف إلينا

تحدثنا في الأشياء التي لا تعنينا
تحدثنا كثيرا في كل شيء وفي اللاشيء
تناقشنا في السياسة والأدب
وفي الحرية والدين.. وفي الأنظمة العربية
اختلفنا في أمور تعنينا
ثم اتفقنا على أمور لا تعنينا
فهل كان مهما أن نتفق على كل شيء
نحن الذين لم نتناقش قبل اليوم في شيء
يوم كان الحب مذهبنا الوحيد المشترك ؟

اختلفنا بتطرف
لنثبت أننا ما عدنا نسخة طبق الأصل
عن بعضنا

تناقشنا بصوت عال
حتى نغطي على صمت قلبنا
الذي عودناه على الهمس
نظرنا إلى ساعاتنا كثيرا
نسينا أن ننظر إلى بعضنا بعض الشيء
اعتذرنا
لأننا أخذنا من وقت بعضنا الكثير
ثم عدنا وجاملنا بعضنا البعض
بوقت إضافي للكذب

تسرد عليّ همومك
أفهم أني ماعدت همك الأول
أحدثك عن مشروعات عطلتي
تفهم إنك غادرت مفكرتي
تقول إنك عدت إلى ذلك المطعم
لا أسألك مع من
أقول أنني سأسافر قريبا
لا تسألني إلى أين
لم نعد واحدا..صرنا اثنين
على طرف طاولة مستطيلة كنا متقابلين
عندما استدار الجرح
أصبحنا نتجنب الطاولات المستديرة

فليكن..
كان الحب غائبا عن عشائنا الأخير
فناب عنه الكذب
تحول إلى نادل يلبي طلباتنا على عجل
يلاطفنا..كي نغادر بعطب أقل
في ذلك المساء
كانت وجبة الحب باردة كحسائنا
مالحة كمذاق سابق لدمعنا
والذكرى كانت مشروبا محرما
نرتشفه بين الحين والآخر..خطأ

عندما ترفع طاولة الحب
كم يبدو الجلوس أمامها أمرا سخيفا
وكم يبدو العشاق أغبياء
فلم البقاء؟
كثيرا علينا كل هذا الحب
ارفع طاولتك أيها الحب
حان لهذا القلب أن ينسحب.