تقدم اليوم عشرات الفقهاء القانونيين بمذكرة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة يطالبونه بإصدار إعلان دستوري بتشكيل جمعية تأسيسية تمثل جميع طوائف الشعب المصري، لوضع مشروع دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقد عبر الفقهاء فى المذكرة عما وصفوه بـ "رغبة الشعب المصري التى نادت بها المظاهرات الحاشدة في يوم الجمعة الموافق 27 مايو"، تحت عنوان: "لماذا نطالب مع جماهير الشعب المصري بأن يكون الدستور أولا؟".
استهل الموقعون المذكرة بالقول "إنه من المنطقي والبديهي والمعقول بالفطرة أن وضع قواعد البيت سابق ومقدم على إقامته" مستندين فى ذلك على أن إقامة البناء السياسي على قواعد مؤقتة "الإعلان الدستوري" ثم إعادة صياغة القواعد مرة ثانية بوضع الدستور الدائم، سيدخل مصر في متاهات من تشكيل وإعادة تشكيل المؤسسات وفقا للقواعد المؤقتة أولا ثم الدائمة ثانيا، فضلا عن أن إعطاء البرلمان المقبل سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فيه مصادرة على مضمون الدستور المقبل.
أضاف الموقعون على المذكرة أن التكلفة المادية والزمنية لاستمرار خيار الانتخابات أولا تستغرق حوالى 26 شهرا مع التكلفة المادية الناتجة لإعادة انتخاب المؤسسات على ضوء الدستور الجديد وهو ما يمثل عبئا على ميزانية الدولة، وذلك فضلا عن الحالة الحرجة التى تعيشها البلاد خلال هذه الفترة التى تشهد غيابا لتطبيق القانون وضعفا للقدرة الأمنية، بالإضافة إلى عدم بناء القدرات الفنية للجنة العليا للإشراف على الانتخابات وحاجة البلاد لها للإشراف الفعلي القادر على مواجهة الانتهاكات للقانون في الانتخابات القادمة، كما أن الإعلان الدستوري الحالي يعد قاصرا عن إدارة المؤسسات المنتخبة لمسئولياتها الدستورية وهو المرجعية لمشروعية انتخابها، حيث إنه لم ينظم مراقبة البرلمان للحكومة وسلطات رئيس الدولة المنتخب، وهو ما يعني إعادة الانتخابات للمجلس والرئيس ليمارس كل منهما دوره على ضوء الدستور الجديد.
ورد الفقهاء على ما يتحجج به البعض من أن تشكيل جمعية لوضع الدستور قبل انتخاب البرلمان يتعارض مع ما وافق عليه الشعب في الاستفتاء من إضافة المادة 189 مكرر إلى الدستور، التي تنص على أن الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى هم الذين يشكلون هذه الجمعية، حيث ردت المذكرة أن نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور لم يتم تبنيها تماما بواسطة الإعلان الدستوري، حيث أغفل الإعلان الفقرة الأخيرة من المادة التي أضافتها التعديلات ووافق عليها الشعب، وهو ما يكشف عن أن الإعلان الدستوري تعامل مع نتائج الاستفتاء بشكل انتقائي، كما أن نتيجة الاستفتاء على التعديل والموافقة عليه كانت تستلزم أن يعود دستور 1971 إلى النفاذ بنصوصه المعدلة وغير المعدلة، وذلك لم يحدث بل تم إلغاء الدستور كاملا واستبداله بالإعلان الدستوري.
اقترح الفقهاء تشكيل للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور مكونة من 150 عضوا، حيث اقترحوا أن تعكس تمثيلا لجميع أطياف المجتمع، مقسمة إلى 100 شخصية تعبر عن تمثيل مؤسسي ونوعي يضم ممثلي النقابات المهنية والاتحادات العمالية والفلاحين والجامعات والجمعيات العلمية، وكذلك شباب الثورة والطلاب والهيئات القضائية واتحاد الكتاب والأدباء وأيضا المعوقين وذوى الاحتياجات الخاصة، وبعض ممثلي المناطق النائية جغرافيا ذات التنوع الثقافي، والاتحادات النوعية، بالإضافة إلى 50 شخصية توافقية عامة ومتخصصة من السياسيين والدستوريين المستقلين ورموز الفكر والفن والعلم.
وقد وقع على المذكرة 47 من أساتذة وفقهاء القانون ومنهم الدكتور ثروت بدوي، رئيس قسم القانون الدستوري بحقوق القاهرة، والدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستوري، والدكتور فؤاد رياض، القاضي الدولى السابق بمحكمة مجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة، والمستشار أمين المهدي، رئيس مجلس الدولة السابق، والمستشارة تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا، والدكتور يسري العصار، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والمستشار هشام البسطويسي، نائب رئيس محكمة النقض، والدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس، ليلى تكلا، المحامية ومقررة لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادي قضاة مصر السابق، والدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية السابق للشئون القانونية، والمستشار مجدي العجاتي، نائب رئيس مجلس الدولة، سامح عاشور، نقيب المحامين السابق، والدكتور على الغتيت، أستاذ القانون الدولي.