منذ أكثر من نحو ربع قرن مضى، كنا نعتقد خطأ، أنه لا توجد سوى طبقة رقيقة من الهواء، سمكها نحو 160 كيلو مترا مثلا، تحمينا من أهوال الفضاء، وتدرأ عنا ما يفيض فيه من شهب وأتربة، وأشعة كونية فتاكة، إلا أننا الآن نعرف أن الأرض تحيط بها أيضا أحزمة إشعاع رائعة.
وكان من المعروف منذ قرون عديدة مضت، أن الإبرة الممغنطة تشير إلى الشمال تقريبا، والسر في ذلك، أن للأرض مجالها المغناطيسي، وكأنما هي على هيئة قضية مغناطيسي ضخم جبار، موضوع في مركز الأرض بينما يميل الخط الواصل بين قطبي هذا المغناطيس، وينحرف قليلا عن الخط الواصل بين القطبين الجغرافيين . ولقد أظهرت الأقمار الصناعية في هذا العصر، أن مجال الأرض المغناطيسي، يمكن أن يمتد ليؤثر على أبعاد كبيرة في أعماق الفضاء، عبر العديد من عشرات آلاف الكيلو مترات، ومن ثم تنجم عنه عدة ظواهر عجيبة.
ولقد ثبت أن الفضاء الذي يحيط بغلاف الأرض الجوي، ليس فارغا تماما من المادة، على الرغم من ان قيمة كثافة المادة في فضاء ما بين الكواكب، أصغر بكثير من الكثافة التي تتمخض عنها أحسن حالات التفريغ بوساطة الآلات على الأرض. ولقد وجد أن أغلب مكونات المادة في الفضاء القريب من الأرض، من ذرات الأيدروجين التي يتأين بعضها ( أي يتحلل كهربيا )، أو ينقسم إلى الجسيمات التي يتكون منها، وهي البروتونات أو النوى، والإلكترونات أو الكهارب. ولقد حمل إكسبلورر 1 Explorer 1 الذي أطلق في يوليو 1958 ضمن الأجهزة التي حملها، عداد جيجر، ليسجل عدد هذه الجسيمات النشطة التي تعترض سبيل إكسبلورر 1، وهو يسبح في مساره . ولقد دهش العلماء أيما دهشة، عندما وجدوا أن عدد تلك الجسيمات كان وفيرا، إلى الحد الذي جعل العداد يتشبع تماما بها، ومن ثم يتوقف عن العد. وبعد أن تم إطلاق أقمار أخرى، حملت معها أجهزة أدخلت عليها تحسينات كثيرة، اكتشف العلماء أن الجسيمات القريبة من الأرض، إنما يحتجزها أو يحتبسها مجال الأرض المغناطيسي، وعلى الرغم من تحركها بسرعة فائقة جدا، فإنها لا يمكنها الإفلات أو الهروب بسهولة.
وكأنما يعمل مجال الأرض المغناطيسي، كنوع من أنواع القوارير أو الأواني المغناطيسية التي تحد من حركة النوى والكهارب، وتحتفظ بها داخل حزام عظيم جبار – أو مجموعة من الأحزمة المتصلة التي تحتل الأرض مركزها – وتسمى هذه الأحزمة باسم ( أحزمة الإشعاع )، أو أحزمة فان آلين Van Allen، لأن فان آلين هو أول من تعرف عليها، إلا أنها الآن تعرف باسم الماجنيتوسفير .
ومقدار المادة الموجودة في الماجنيتوسفير هذه صغير جدا، إذ لا تتعدى كتلة تلك المادة كلها، وفي جملتها كتل الرجل العادي، مما يجعل الجسيمات قليلة جدا ومبعثرة، تفصل بينها مسافات كبيرة، إلا أن سرعتها كبيرة، بحيث تشكل نوعا من أخطار أسفار الفضاء، التي تستغرق زمنا طويلا داخل الماجنيتوسفير . وكان المعتقد أن هناك حزامين، الداخلي منهما على بعد 3200 كيلو متر من الأرض، بينما يوجد الحزام الخارجي على بعد 19200 كيلو متر منها.
منقول