موسكو - مازن عباس
اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن دخول الطراد الأمريكي "مونتري-2011"
المجهز بنظام "إيجيس" المضادة للصواريخ البالستية (Aegis system)، إلى مياه
البحر الأسود للمشاركة في مناورات أوكرانية-أمريكية؛ يشكل تهديداً مباشراً
لأمن روسيا القومي.
وطرحت الخارجية الروسية عدة تساؤلات، عن مقاصد واشنطن، بقولها إن تدهو
الأوضاع هو الذي دفعها لإرسال وحداتها الأساسية الهجومية في نظام الدفاع
الصاروخي من البحر المتوسط نحو الشرق إلى البحر الأسود.
كما تساءلت عن دور أو مهمات الطراد "مونتري" في مناورات "سي بريز -2011"
التي أجرتها القوات الأوكرانية بالتعاون مع البحرية الأمريكية، والتي جرت
لمكافحة القرصنة وفق معايير الناتو. واعتبرت موسكو أن هذه الخطوة من جانب
واشنطن تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وحذرت من تكرار هذه الإجراءات قبل تقديم الولايات المتحدة للضمانات
القانونية المتعلقة بكون الدرع الصاروخية غير موجهة ضد روسيا وأمنها،
باعتبار أن ذلك سيجعل روسيا مضطرة لاتخاذ الإجراءات التي تضمن حماية أمنها.
وتجدر الإشارة إلى أن الطراد المذكور هو ضمن مجموعة من قطع الأسطول
الأمريكي التي سيتم نشرها في البحر المتوسط والبحر الأدريتكي على عدة
مراحل، وذلك في إطار تنفيذ "أسلوب التكيف التدريجي" الخاص ببناء الجزء
الأوروبي من منظومة الدرع الصاروخية.
وتستهدف خطوة تحرك"مونتري" في البحر الأسود التكيف والتأقلم التدريجي، حتى
يكون جاهزاً للتواجد في مياه البحر المتوسط للدفاع عن دول جنوب أوروبا ضم
عناصر الدرع الصاروخية.
لا شك أن قيادة القوات البحرية الروسية أدركت أن دخول "مونتري" إلى البحر
الأسود يعني بالضرورة أنه يمكن أن يعود مرة أخرى خلال تواجده في مياه البحر
المتوسط، إذا ما تطلبت الأوضاع في المنطقة تدخلاً عسكرياً أمريكياً.
وتثير المناورات عسكرية المشتركية بين أوكرانيا والولايات المتحدة في مياه
البحر الأسود قلق روسيا الدائم، حيث توجد على شواطئ ذلك البحر في ميناء
سيفاستوبول الأوكراني قاعدة لأسطول البحر الأسود الروسي.
ومنذ عام 2008 وعقب انتهاء مناورات "سي بريز ـ 2008" التي نفذت في ميادين
التدريب بمقاطعة أوديسا وشبه جزيرة القرم وساحل البحر الأسود بالتعاون بين
القوات الأوكرانية وقوات من حلف الناتو؛ دأبت وزارة الخارجية الروسية على
الإعراب عن قلقها من تلك المناورات، وأعربت عن استيائها من السماح لقوات
أجنبية بالتواجد في البحر الأسود، مؤكدة أن دول حوض البحر الأسود قادرة على
ضمان أمن واستقرار المنطقة دون تدخل من الخارج.
ومع تفجر فتيل الحرب الجورجية بين موسكو وتبليسي أرسلت قيادة الناتو إلى
البحر الأسود أكثر من 9 سفن عسكرية، تتكون من الفرقاطة البولندية "الجنرال
بولاسكي"، والمدمرة الأمريكية "ماكفول"، والفرقاطة الألمانية "ليوبيك"،
والفرقاطة الإسبانية "الأميرال خوان دي بوربون"، وسفينة خفر السواحل
الأمريكية "دالس"، ما هدد آنذاك بتصعيد التوتر بالقرب من الشواطئ
الأوكرانية، باعتبار أن هذه السفن أرسلت لردع روسيا ومنع اقتراب القوات
البحرية الروسية من الشواطئ الجورجية.
لكن الأوساط السياسية الروسية افترضت أن الوضع السياسي في المنطقة مقارنة
بما كان عليه عام 2008 قد تغير بعد تولي فيكتور ياناكوفيتش حليف موسكو
رئاسة أوكرانيا، والذي تراجع عن مشروع انضمام أوكرانيا لعضوية حلف الناتو،
لكن حكومته مازالت تواصل التعاون العسكري مع حلف شمال الأطلسي والولايات
المتحدة.
ولا ييثر هذا التواجد العسكري البحري الأمريكي قلق موسكو، ليس فقط لأنه
تدخل في منطق نفوذها الحيوية، وإنما أيضاً لأنه يمكن أن يستخدم في إطلاق
الصواريخ الأمريكية على إيران من البحر الأسود، إذا ما اتخذ قرار بتوجيه
ضربة سريعة لإيران.
ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية الروسية أن قلق موسكو يشمل أيضاً ما يبدو
أنه إصرار أمريكي على تنفيذ مخطط الدرع الصاروخية دون الاهتمام بمواقف
روسيا وتحذيراتها.
وكانت موسكو قد طالبت بضمانات تتعلق بعدم توجيه الدرع الصاروخية في أوروبا
ضد روسيا، ودعا الرئيس ميدفيديف الدول الغربية إلى الاتفاق مع روسيا بشأن
مشروع إقامة منظومة أوروبية مشتركة للدفاع المضاد للصواريخ، إلا أن السفير
الأمريكي في موسكو جون بايرلي نفى إمكانية توصل روسيا والولايات المتحدة
لاتفاق بشأن قضية الدرع الصاروخية قبل نهاية ولاية الرئيس أوباما.
عربية نت