سكبت الأم الطعام في الصحون ، فاصطف الأبناء حول المائدة، وتناول كل واحد منهم طعامه ، وبعدها حملت مشاعل ولبنى صحنيهما الى المطبخ... وحملت الأم صحنها... وقامت مشاعل بجلي الصحون بالمطبخ ، في حين قامت لبنى بتنظيف المائدة... أما نزار فقد أكل....وشرب كوب ماء....ثم قام وغسل يديه، وعاد يجلس على أريكة وثيرة يتـثاءب بعد أن غلبه النعاس .
سألت لبنى نزارا : لماذا لا تحمل صحنك الى المطبخ وتغسله ؟؟
فأجابها نزار متسائلاً : ولماذا لا تحملينه أنتِ أو مشاعل أو أمي ؟
فقالت لبنى : ولكن صاحب الحاجة أحق بحملها .
قال نزار : الأعمال المنزلية من اختصاص النساء، وأنا رجل مثل أبي ، فأبي يعود من العمل الى البيت متعباً..... وينتظر حتى تعود أمي من عملها ، فتحضر الطعام ، ويأكل ، وينام بعد الغداء ليستريح... في حين تقوم أمي بجلي الصحون ، وكنس البيت ومسحه ، وغسل الملابس ، وتقوم بكل الاعمال المنزلية .
قالت لبنى : أمي تعمل وتتعب مثل أبي... وتعود الى البيت لتحضر لنا الطعام وكل ما نحتاجة، ومن حقها علينا أن نساعدها .
قال نزار : تعلمت في المدرسة أن أبي حازم حازم، وأمي مدبرة مدبرة.... وهكذا فإن عليها تدبير شؤون المنزل .
وهنا تدخلت مشاعل في النقاش وقالت: أمي تدبر شؤون المنزل، ولكنها انسانة مثلك ومثل أبي، ومن حقها علينا أن نساعدها.
قال نزار اذ ن ساعد يها أنت ولبنى .
قالت مشاعل ولبنى : نحن نساعدها وعليك أنت أيضاً أن تساعدها وعلى أبي أن يساعدها أيضاً .
قال نزار : قلت لكما أنني رجل مثل أبي، والرجال لا يقومون بالأعمال المنزلية.
كانت الأم تستمع لنقاش أبنائها مذهولة... وهنا تدخلت وقالت : يا أبنائي لا تنسوا أننا أسرة واحدة... وعلينا أن نكون متحابين... وأن نساعد بعضنا البعض ، فقال نزار : نعم نتعاون كل في مجال اختصاصه ، فللرجال أعمالهم وللنساء أعمالهن .
قالت الأم ساخرة : ما هي أعمال الرجال؟ وما هي أعمال النساء ؟
وقبل أن يجيب نزار علا صوت الاب من غرفة النوم قائلاً : يا امرأة ! لا تفسدي الولد ، نزار رجل، ويجب أن يبقى رجلاً !!
فقاطعته الأم قائلة : وهل أريده أن يكون غير ذلك ؟ انه ابني وفلذة كبدي، وأريده أن يكون رجلاً ناجحاً .
غضب الأب وقال : غدا سيكبر... وسيتزوج... ولا أريده أن يتعود على الأعمال المنزلية كي لا يكون محكوماً لامرأته ، واذا كنت حريصة على أبنائك فعلمي بناتك الأعمال المنزلية كي يسترهن أزواجهن عندما يكبرن ويتزوجن .
وفي هذه الأثناء شعرت مشاعل ولبنى بظلم الأب وانحيازه لنزار... فنزلت دموعهما على وجناتهما... فالتفتت اليهما الام وسألتهما عن سبب بكائهما .
فقالت مشاعل : أنا وشقيقتي لبنى سنساعدك يا أمي في أعمال البيت، لأنكِ أمنا، ونحن نحبك، وسنقدم أية خدمة لأبينا لأن طاعة الوالدين من طاعة الله ، أما نزار فلن نساعده لأننا نحبه... ولا نريد له أن يكون فاشلا في حياته... فالذي لا يتعاون مع زوجته وأبنائه وشقيقاته هو انسان فاشل ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " .
تأثر نزاركثيرا من كلام شقيقتيه لبنى ومشاعل وقال : وبما أنني أريد أن أكون خيراً ولأنني أحب أمي وشقيقاتي فإنني منذ الآن سأرتب سريري كل صباح... وسأغسل الصحون بعد الأكل ....وسأكنس البيت عندما يكون عندي وقت لذلك .
ضحكت شقيقتاه تأييداً له وقالت الأم : الله يرضى عليك يا بني ، وغضب الأب لأن في ذلك خروجاً عن تربيته